Press "Enter" to skip to content

المؤسسة الدينية.. التطرف والإلحاد

إن الدور الأهم للمؤسسة الدينية المتينة والمستقلة، هو ضبط ورسم القواعد العامة للخطاب الديني، لكن انهيار المؤسسة الدينية أو عدم وجودها يؤي إلى غياب الخطاب الديني الحريص على وحدة المجتمع، وظهور الخطاب الطائفي والمذهبي المتطرف. بالإضافه إلى الإنحطاط الأخلاقي، وانتشار ظاهرة الإلحاد وسيطرتها على المجتمعات. فعلى سبيل المثال: في اليمن، يلتحق الكثيرون بدورات دينية في مدارس تحمل طابع طائفي او انتماء ديني سياسي، وفي الوقت نفسه يكونون أشخاصًا من أصحاب المستويات التعليمية المتدنية، والبعض منهم غير مؤهل علميًا ولا يحمل حتى شهادة دنيا؛ كي يتربع علي منبر المساجد،ويفتي بالمباح والمحرم، ويمارس ثقافة العنف والتكفير، وزرع الحقد والكراهية تحت مسمى الدين، وعدم التعايش والقبول بالآخر. إن هذا الإنفلات في الضوابط أدى لظهور المجموعات الإرهابية من جانب، و مجموعات الإلحاد من جانب اخر. إن عشرين سنة مضت أكدت لنا أهمية المؤسسة الدينية. فظهور القاعدة ثم داعش، كان بسسب ضياع المؤسسة الدينية والحركات التنويرية.

و هناك أيضًا حركات ذات طابع سياسي استخدمت الدين الذي يدعو إلى المحبة والإخاء وسيلة لتحقيق مآربها السياسية، ممادفع إليها كثير من الشباب؛ باعتبارها المتحدث الحقيقي باسم الدين. وفي نفس الوقت دفعهم التناقض بين الحقيقية العلمية وماتدعوله هذه الحركات إلى التشكيك بالوجدانية الإلهية؛ برغم أن الإسلام قام علي مفهوم وأسس العلم ومنهاجه. هذاالإلتباس دفع الكثيرين في المجتمع اليمني بشكل خاص والعربي بشكل عام، إلى الإلحاد وإنكار الذات الإلهي. وهنا
تتضح بصورة جلية نتائج عدم التمييز بين التطرف، ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف. إن أحد أهم أسس إعاده بناءالدولة اليمنية الحديثة، هو إعاده بناء المؤسسة الدينية والأخذ بعين الإعتبار بالضوابط المهنية، واغلاق جميع المؤساسات الدينية ذات الطابع الطائفي والسياسي. والإكتفاء بتدريس العلوم الإسلامية في الجامعات الحكومية،ووضع شروط صارمة للإلتحاق بهذه الكليات، مثل الحصول علي دجات متميزه في الثانوية العامة، وإنشاء المعهدالعالي للأئمة والخطباء. ويقوم المجلس الأعلا للإفتاء بالإشراف على إدارة هذه المؤسسة. الإتحاق بهذه المؤسسة يجب أن يضمن احترام معايير التميز في كليات العلوم الإسامية، وعدم الإنتماء لحزب سياسي وأن يكون الملتحق حسن السيرة والسلوك.. على الحكومات أن تتطرق وتلقي الإهتمام في أمور عدة؛ لأجل تنشئة اجيال سليمة وقويمة، وذات عقول مستنيرة. فخلال فترة التعليم التي قد تطول سنوات عدة، يجب أن يحصل الطالب على منحة دراسية تتكفل بجميع النفقات، وبعد التخرج يتم توقيع عقد عمل بين وزارة الأوقاف وبينه، للعمل خطيبًا وإمامًا في مسجد ما. ويجب علي المتخرج احترام بنود العقد والتي تشترط عدم الإنتماء لحزب سياسي أو الظهور في برامج بدون موافقه الدوله، وعدم الإفتاء بمذهب واحد. وعند الإخلال بأي بند من بنود العمل يتم صحب رخصة مزاوله الخطابات الدينية والإفتا. كما يجب التخلي عن لبس أي زي ديني يحدد انتماءه لمذهب معين، وإنشاء مجله علمية، وعلى الخطيب مواصلةالبحث ونشر مقالات علميه بعد تخرجه. وعلى المؤسسة الدينية أيضًا، ضرورة الإهتمام باللغات والثقفات الأجنبية، والعلوم الفلسفية؛ لتخريج جيل جديد من الدعاة مسلحين بالعلم والمعرفة، وعمل ورش تدريب في دول اجنبية. وعلى المؤسسة الإسهام في الدفاع وتطوير المنهج التعليمي الإسلامي الحديث. وهناك أمر هام جدًا يجب التركيز عليه
كثيرًا ومنحه الإهتمام الأكبر، وهو تشكيل لجنة تقوم بتقييم دار العبادة. وعلى اثر هذا التقيم يتم اغلاق جميع المساجد التي تتنافي مع قدسيه دار العبادة، وإنشاء مساجد ترتقي لمستوي العبادة المواتية لأخلاق وتعاليم دينناالحنيف، وتغريم كل من يسعى إلى نشر الطائفية والتطرف. وفي المدراس يجب دمج مأدة القرآن والتربية الإسلاميه؛لتصبح مأدة العلوم الإسلامية. ويتم اختيار المواضيع التي تساعد الطالب علي التمييز بين ماهو ديني أو ماهو غير
ديني. كما يجب وضع منهج يساعد على تطوير البحث الذاتي لدى الطالب وإلغاء النمط التعليمي القديم القائم على
التلقين والتنفير، كي لا ينشأ جيل من الملحدين. وهذا يعود دوره على وزارة الأوقاف، فعليها أن تقوم بضبط
المؤسسات الدينية. ويجب على وزير الأوقاف أن يكون خبيرًا في علم الفلسفه والاداره والشريعة، ويحمل رؤية، وليس فقط رجل دين.

نياز قاسم

Be First to Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *